صفحة 1 من 1

التعريف بالسفن وتاريخ تطورها 2

مرسل: الثلاثاء إبريل 10, 2007 5:28 pm
بواسطة M.E. Aous
في عام 1893م، بنت مجموعةٌ من النرويجيين نسخةً متكاملةً من سفينة جوكستاد. وبالرغم من سوء الأحوال الجوية، تمكَّنت هذه المجموعة من قيادة هذه السفينة عبر المحيط الأطلسي، انطلاقًا من بيرجن في النرويج إلى سانت جونز في نيوفاونْدلاند في 28 يومًا فقط.

الكُج.
تضعضعت قوة الفايكنج تدريجيًا إلى أن فقدوا -في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي ـ السيطرة على البحار الشمالية. ثم بدأت التجارة تنتعش في دول شمالي أوروبا حيث احتاج التجار إلى مراكب أكثر اتساعًا لحمل شحنات أكبر. وفي القرن الثالث عشر الميلادي، تمكَّن بنَّاؤو السفن في الشمال من تطوير سفينة قوية أطلق عليها اسم الكُج. وبقيت هذه السفينة التجارية والحربية هي النموذج الكامل للسفن في أوروبا الشمالية لمدة 200 عام تقريبًا.

واستطاعت تلك السفن أن تقاوم أمواج البحار العنيفة والرياح القوية في بحر الشمال والمحيط الأطلسي الشمالي. ولهذه السفن أجسام عميقة وعريضة وذات ألواح متراكبة، وقد أُُعدَّت هذه السفن لتحمل بضائع بأحجام ضخمة.

وللكُج شراعٌ واحدٌ كبير مربع الشكل. ولها أيضًا بناء في كل من مقدمة السفينة ومؤخرتها يسمَّى قلعة. وتمثل قلعة المقدمة أرضية يستطيع منها الجنود إطلاق سهامهم وأحجارهم على السفن المعادية. أما قلعة المؤخِّرة، فتوفر حماية للشخصيات المهمة بين المسافرين. ولسفن الكج أيضًا نوع جديد من أدوات التشغيل. فبدلاً من مجاديف التشغيل على طول الجانبين بالقرب من مؤخَّرة السفينة، هنالك دفّة كبيرة في وسط المؤخِّرة. وكانت هذه الدفَّة في حوالي عام 1200م أكثر متانةً من المجاديف.

السفن ذات الأشرعة المثلثة الشكل (اللاتينات).
بينما كان يعمل بناؤو السفن في الشمال على تطوير السفينة المسماة الكُج كان بنّاؤو السفن في البحر الأبيض المتوسط يُدخلون تعديلات مهمة على بناء السفن وتصميمها. وبدأ بنّاؤو السفن في البحر الأبيض المتوسط بإدخال طريقة جديدة لبناء السفن صارت فيما بعد هي الطريقة المعيارية. فقد بنوا هيكلاً من قاعدة قصّ أولاً، ثم ربطوا الألواح الخشبية لجسم السفينة في الإطار. كما أنهم أكثروا من استخدام الأشرعة المثلَّثة الشكل التي أُطلق عليها اللاتينات. لقد أثبتت الأشرعة المربعة الشكل أن أداءها جيد عندما تهب الرياح من الخلف. ولكنها، وبعكس الأشرعة المثلثة الشكل، لا تعمل جيدًا عندما تبحر السفينة.

لقد استخدمت السفن الشراعية دائمًا في البحر الأبيض المتوسط لحمل البضائع والركاب، كما تم استخدامها سفنًا حربية أيضًا. لكن، وفي حوالي عام 1300م، زاد استخدامها في مجال الشحن والتجارة بدرجة كبيرة. وعلى وجه العموم، فإن هذه السفن الشراعية لم تستخدم مجاديفها إلا في حالة عدم وجود رياح أو في حالة دخول مرفأ أو مغادرته. أما في الأوقات الأخرى، فكانت المراكب تدفع باشرعة مثلثة الشكل. وأغلب السفن الشراعية لها صاريان، الأمامي منهما يحمل الشراع الكبير. ولبعضها ثلاثة صوار. والسفن الشراعية التجارية أطول وأوسع من السفن الحربية، كما أن السفن الشراعية النموذجية يمكنها أن تحمل نحو 127 طنًا متريًّا.


سفن الفترة الزمنية بين القرنين 13و16م. السفينة كاملة الإعداد. في حوالي منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، تمكن بنّاؤو السفن في حوض البحر الأبيض المتوسط من دمج أجود خصائص السفينة القوية كُج مع الخصائص المماثلة لمراكبهم الأخف وزنًا والمسمَّاة اللاتينة. وأصبحت هذه السفينة هي السفينة النموذجية في كلِّ دول أوروبا لمدة 300 سنة تقريبًا. كما استمر هؤلاء في بناء هيكل السفينة بوساطة ربط الألواح الخشبية إلى هيكل يتكون من قاعدة قص ودعامات. لكنهم استبدلوا بمجاديف التشغيل دفة في مؤخَّرة السفينة. كما اتّبعوا إنشاء قلعة أمامية وقلعة خلفية في السفينة كما هو الحال في سفينة الكُج. والأهم من ذاك، أن بنّائي سفن البحر الأبيض المتوسط غيَّروا جهاز السفينة لينال قوة أكبر وتسييرًا أفضل. وهكذا طوَّروا السفينة كاملة الإعداد أو التجهيز. وللسفينة الكاملة الإعداد أو الرباعية التجهيز صارٍ رئيسي يتوسطها، وصارٍ في المقدِّمة وثالث في مؤخرة السفينة. ويحمل كل من الصاريين الموجودين في الوسط والمقدمة شراعًا كبيرًا مربع الشكل وتعلوه أشرعة صغيرة مربعة الشكل. أما الصاري المِزّيِنيّ (الخلفي)، فيحمل شراعًا مثلث الشكل. وهناك عمود مثبت على المقدمة يحمل صاريًا صغيرًا مربع الشكل. إن سفنًا بهذا الإعداد أو التجهيز هي التي استغلها المكتشفون أمثال كريستوفر كولمبوس وفاسكو داجاما والسير فرانسيس دريك وفرديناند ماجلان في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي وطوال القرن السادس عشر الميلادي.


سفن الفترة ما بين القرنين 16 و19م.
الجليون. في حوالي منتصف القرن السادس عشر الميلادي، ظهر على البحار نوع ٌمن السفن الشراعية سمي الجليون. والجليونات سفن شراعية ضخمة لها قلاع أمامية أقل ارتفاعًا من السفن الأخرى وقلعة خلفية مرتفعة تضم حجرات أوسع. كل واحد من الصاريين؛ الرئيسي (في الوسط) والأمامي يحمل شراعين أو ثلاثة أشرعة في حين أن الصاري المزيني (الخلفي) يحمل شراعًا واحدًا أو شراعين. وفي أضخم سفن الجليون يوجد صار مزيني ثان بالقرب من المؤخرة.

استخدمت سفن الجليون لأغراض تجارية وحربية في آن واحد. واستُخدمت المدافع المحمولة على ظهر السفن منذ منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. لكن سفن الجليون كانت تحمل مدافع أكثر عددًا وأثقل وزنًا. لقد خاضت الأساطيل الإنجليزية والأسبانية عام 1588م أشهر الحروب البحرية في التاريخ، واستخدم فيها كلا الجانبين سفن الجليون. ولكن الإنجليزية منها كانت أسرع وأكثر قدرة على المناورة وأفضل تسليحًا، الأمر الذي مكّـنها من هزيمة الأسطول الأسباني. وأطلق الأسبانيون على أسطولهم اسم الأرمادا التي لاتقهر لظنهم أنه لايمكن أن يهزم

استخدمت أسبانيا والبرتغال ودول أخرى سفن الجليون للتجارة، أما أسبانيا فقد استخدمت سفن الجليون لجلب الذهب والفضة من ممتلكاتها من العالم الجديد. وأصبحت هذه السفن الثمينة هدفًا مفضلاً للقراصنة الذين كانوا يجوبون البحر الكاريبي.

الينكات والدهوات.
سفنٌ خشبيةٌ شراعيةٌ قوية استخدمت على نطاق واسع في الشرق، ولاتزال تُرى في المياه الشرقية. لقد استخدمت الينك بوساطة الصينيين واليابانيين. وكانت أشرعتها تُصنع مربعة الشكل من شرائح الخيزران التي تشبه الحاجبة أو الستارة الفينيقية. وكانت هناك ينكات الأنهار الصغيرة، كما وُجدت منها عابرات المحيطات الضخمة بطول يزيد على 30م. أما الدهوات، فقد استخدمها البحَّارة العرب والهنود. ولهذا النوع من السفن الشراعية صارٍ واحد وشراع كشراع اللاتينة. وأبحرت الدهوات بغرض التجارة بين الهند وإفريقيا والجزيرة العربية. ومن بين السفن الشراعية الشرقية الأخرى الباتيل وهي سفينة هندية استُخدِمت في نهر الجانج، والسفينة الملايوية برو ذات الصاريين ويبلغ طولها 15م.

إِيست إِنديامن.
استُخدمت السفن لعدة قرون، للأغراض التجارية والحربية معًا. ولكن، بحلول القرن السابع عشر الميلادي تقريبًا، أصبحت المدافع ثقيلة جدًا مما جعل بناء السفن بأجسام خاصة تتواءم وحمل الوزن الإضافي أمرًا ضروريًا. وهكذا فإن تصميم السفن الحربية والمراكب التجارية اختلف اختلافًا كبيرًا مع الزمن.

شرعت الشركات التجارية في عدة دول أوروبية في القرن السابع عشر الميلادي في بناء سفن مصممة خصيصًا للتجارة مع الهند والشرق الأقصى. وجلبت هذه السفن العاج والحرير والتوابل ومنتجات أخرى من الهند والصين والهند الشرقية. وقد احتكر البرتغاليون التجارة مع الشرق الأقصى إلى القرن السابع عشر الميلادي عندما بدأت إنجلترا وهولندا بالتنافس. ودخل إلى مضمار المنافسة الدنمارك وفرنسا. وفي كل قطر، بنت شركات جزر الهند الشرقية سفنها الخاصة التي أُطلق عليها اسم إيست إنديامن. وبالرغم من أن تلك السفن كانت قد صُمّمت لتكون سفنًا تجارية، إلا أنها كانت تحمل مدافع للدفاع عن نفسها ضد الهجمات التي يشنها القراصنة أو تشنها أساطيل الدول المعادية.

ازداد حجم سفن إِيست إِنديامن بصورة رتيبة. ففي القرن الثامن عشر الميلادي، على سبيل المثال، بلغت حمولة أغلب السفن الإنجليزية من هذا النوع 360 طنًا متريًا من البضائع. وبحلول القرن التاسع عشر بلغت الحمولة 1,090 طنًا متريًا.


سفن القرن التاسع عشر
سفن الخدمة المنتظمة. ازدادت الحركة التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا عبر الأطلسي بدرجة كبيرة في بداية القرن التاسع عشر الميلادي. كما تعاظم الطلب على خدمة أفضل للركاب عبر الأطلسي. ولقد استجاب ملاك السفن لهذا الطلب لتقديم شيء جديد في الخدمة، أي سفن تُبحر في أوقات منتظمة. ولقد سُمي هذا النوع من السفن السفن المنتظمة. وكانت السفن لاتبحر قبل ذلك إلا بعد استيفاء كامل حمولتها من البضائع والركاب، وكذلك بعد التأكد من أن أجواء الملاحة مناسبة تمامًا. أما سُفن الخدمة المنتظمة فإنها تبحر وفقًا لجدول زمني معين، سواء أكانت حمولتها قد اكتملت أم لم تكتمل، وبصرف النظر عن الأجواء الملاحية. كما أصبح هذا النوع من السفن أول سفن تجارية تركِّز على راحة الركاب،. ولقد بدأت الخدمة المنتظمة عام 1818م بين مدينة نيويورك ومدينة ليفربول.

وللوفاء بالتزام الجداول الزمنية ومواجهة المنافسة، كان على هذه السفن أن تُبحر بأقصى سرعة ممكنة. لكن السفن نفسها لم تزد على كونها سفنًا شراعية عادية لم يُعْنَ في تصميمها بأي مواصفات خاصة بالسرعة. وقاد الربانبة هذه السفن بنشاط مستمر ليلاً ونهارًا، وفي كل الأجواء الملاحية. وقد استغرق عبور الأطلسي شرقًا وقتًا يتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، أما عبوره غربًا فقد استغرق وقتًا أطول يتراوح بين خمسة وستة أسابيع، نظرًا لأن على السفن الإبحار ضد الرياح الغربية، فاتخذت مسارًا أطول ناحية الجنوب.

كان طول السفينة من النمط الأول من سفن الخدمة المنتظمة نحو 30م. وبحلول الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، عندما ازدادت حجرات الركاب اتساعًا وصارت أكثر راحة، استُخدمت سفن طولها 49م.

سفن القَلْبر.
من أكثر السفن الشراعية جمالاً ورومانسية، وقد أصبحت ملكات البحار في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وقد صُمِّمت سفن القلبر بأجسامها الرشيقة وأشرعتها المتعددة من أجل السرعة. وجاء اسمها من الطريقة التي تطوي بها السفن الأميال.

بنت الولايات المتحدة أول سفينة قلبر حقيقية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، وقد صُمِّمت تلك السفن للإبحار من الساحل الشرقي (حول رأس أمريكا الجنوبية) إلى الصين لحمل الشاي. كما عجَّل اكتشاف الذهب في كاليفورنيا عام 1848م، وفي أستراليا عام 1851م، بتطوير سفن القلبر، إذ تدفق الباحثون عن الثراء والمؤن نحو حقول الذهب. وبنى الإنجليز سُفن قلبر لحمل الشاي من الصين والصوف من أستراليا. ومازالت أشهر سفن القلبر البريطانية، وتسمى كتي سارك الآن في جرينيتش في لندن.

كان لسفينة القلبر ستة صفوف من الأشرعة على الصاري، وكان لبعضها أكثر من 35 شراعًا. ويمكن أن تقطع سفن القلبر على المياه 20 عقدة (37 كم/الساعة) إذا تمت قيادتها بسرعة قصوى.ولقد أبحرت سفينة القلبر ثيرموبايلي من لندن إلى ملبورن بأستراليا في 60 يومًا.

ويُعَدُّ دونالد ماكاي، وهو كندي أقام في الولايات المتحدة، أكبر مصمِّم لسفن القلبر. وبلغ طول النمط الأول من السفن التي صممها 60م، كما بلغت حمولتها 1,360 طنًا متريًا. وفي عام 1853م، بُنِيَت سفينة سُمِّيت جريت ريببلك وكانت أكبر سفينة شراعية في عصرها حيث بلغ طولها 102م تقريبًا، ولها أربعة صوارٍ وحمولتها 4,080طنا متريا.


سـفن الشــرق الشـراعية قليل من السفن الشراعية هي التي تستخدم في الإبحار اليوم. ولكن في الشرق، مازال الناس يستخدمونها في الملاحة الساحلية والداخلية وأيضًا لصيد الأسماك. وتشمل هذه السفن: المراكب ذات الأشرعة المثلثة المسماة بالدهو (اللاتينة) الموجودة بشبه الجزيرة العربية، والينك الصينية الخشبية الصنع، واللاكاتوي في غينيا الجديدة التي تعرف بأشرعتها التي تشبه مخالب سرطان البحر.
السفن الشراعية في القرن العشرين. بدأ المخترعون تجاربهم على القوارب البخارية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. وبحلول القرن العشرين، كانت السفن البخارية قد حلت تقريبًا محل السفن الشراعية التي تجوب المحيطات، ولكن كان على سفن البخار، الناتج عن إحراق الفحم الحجري، الاعتماد على محطات الفحم الحجري مع أن بعض الخطوط التجارية ـ كتلك التي على طول سواحل أمريكا الجنوبية ـ بها قليل من محطات الفحم الحجري. وكانت السفن الشراعية مازالت تُستَخَدم في هذه الطرق التجارية ولعدة سنوات. وعلى سبيل المثال، كانت السفن الشراعية تحمل النترات ـ وهو سماد ـ من تشيلي (حول حافة أمريكا الجنوبية) إلى أوروبا.

وكانت السفن الشراعية التي أنزلت إلى الماء في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وأوائل القرن العشرين ضخمة الحجم بُنيت للاستفادة من الحجم وليس السرعة. وكانت ذات أجسام حديدية قوية ومستقيمة الجوانب، ومجهزة بالأسلاك. ولتشغيلها بنفقات قليلة، استخدمت مثل هذه السفن طاقمًا صغيرًا، ولهذا فقد استغلت أقل كمية من الأشرعة. كانت أعتى هذه السفن هي بروسين، وهي سفينة ألمانية ذات خمسة صوارٍ ومجهزة تجهيزًا كاملاً، وقد بُنيت عام 1902م. وهي أضخم سفينة شراعية تم بناؤها بطول 132م وعرض 16م وكان بإمكانها أن تحمل 7,300 طنّ من البضائع.

ومنذ أوائل القرن العشرين، انخفض عدد السفن الشراعية التي تجوب البحار بانتظام. وكانت سفن كثيرة منها قد اهترأت أو صدئت في أحواضها. أما اليوم، فإن القليل الباقي من السفن ذات الأشرعة المربعة الشكل تُستخدَم سفنًا للتمارين في الأساطيل البحرية والتجارية لمختلف الدول.

وما زال الناس في كثير من الدول النامية يستخدمون السفن الشراعية في الملاحة على الشواطئ وعبر ممرات المياه داخل البلاد، كما تُستخدم لصيد الأسماك. ومازال الصينيون يستخدمون سفن الينك لحمل البضائع والركاب على طول السواحل في الأنهار. كما أن مختلف النسخ الهندية من الدهو العربية يمكن رؤيتها حتى الآن في موانئ بومباي وكلكتا وفي ثغور أخرى من المدن الهندية. استخدم شعب غينيا الجديدة منذ عهد بعيد نوعًا بدائيًا من السفن الشراعية تسمى لاكاتوي تتكون من عدَّة زوارق شجرية تم ربطها ببعضها. كما أبحرت السكونة (مركب شراعي ذو صاريين أو أكثر) والسلوب (مركب شراعي وحيد الصاري)، بين دولتي بنما والإكوادور وعلى طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية.

عصر السفن ذات الدفع الآلي.
أحدث اكتشاف وتطوير المحركات البخارية ثورةً في النقل المائيّ، ولم يعُد الناس يعتمدون في دفع سفنهم على عضلات المجدفين أو على الرياح غير المضمونة. ففي عام 1769م، سجَّل جيمس واط ـ وهو مهندس أسكتلندي ـ اختراع محركٍ بخاري بإمكانه تأدية أنواع كثيرة من العمل.وحاول المخترعون في أوروبا والولايات المتحدة بعد ذلك مباشرة استخدامه لتحريك القوارب.

القوارب البخارية الأولى.
في عام 1783م،بنى نبيل من نبلاء فرنسا اسمه الماركيز كلود دو جوفري دا بانس قاربًا بخاريًا ـ باخرة ـ استطاع إنجاز رحلة استغرقت 15 دقيقة في نهر السين بالقرب من مدينة ليون. لكن محاولات الماركيز اللاحقة لم يكتب لها النجاح. وفي عام 1787م، ابتكر المخترع الأمريكي جون فيتش أول قارب بخاري يعمل بالولايات المتحدة. واستطاع محركه أن يحرك سلسلة من المجاديف أو البدَّالات في كل جانب من جانبي القارب. وطور فيتش، لاحقًا مركبًا يُدفع بمجاديف في مؤخرته، واستطاع بهذا القارب أن يقدم خدمة نقل الركاب والبضائع في صيف عام 1790م، حيث أبحر بالقارب حسب جدول زمني ذهابًا وإيابًا عبر نهر ديلاوير بين مدن فيلادلفيا وترنتن. لكن افتقار فيتش إلى الأموال الكافية أقعده عن عمله. وفي عام 1802م، بنى المهندس الإنجليزي وليم سايمينجتون زورق سحبٍ بخاريًّا بعجلة تجديف في مؤخرته. ولقد أثبت الزورق جدارته في العمل، إلا أن صاحبه كان يفتقر أيضًا للمال اللازم لتسييره.

كليرمونت.
أصبح هذا القارب أول قارب بخاري تجاري يعمل بنجاح.وقد صمم هذا المركب وبناه المهندس الأمريكي روبرت فولتن وأطلق على هذا المركب رسميًا اسم نورث ريفرستيم بوت. وبعكس ما فعله المخترعون الأوائل، فإن فولتن لم يحاول أن يصنع محركًا بنفسه، وإنما أحضر محركًا من واط وعدَّله ليناسب العمل في قاربه. وفي عام 1807م، استطاع كليرمونت أن يقطع 241 كم في نهر هدسون من مدينة نيويورك إلى ألباني في حوالي 30 ساعة تخللها توقف ليلة واحدة. وبعد إعادة بنائه بطريقة مكثفة، استطاع هذا القارب أن يبقى طويلاً في خدمة الركاب في نهر هدسون.وكان الكليرمونت طويلاً وضيقًا، وقد بلغ طوله 43م وأما عرضه فكان أربعة أمتار. وكان له عجلات تجديف جانبية بعرض متر واحد وبقطر يبلغ 4,5م. وبعد عملية إعادة البناء أصبح طول كليرمونت 45م وعرضه خمسة أمتار.

عابرات المحيطات البخارية.
لم تتحرك قوارب فولتن نافثة دخانها البخاري إلا عبر الخلجان والأنهار. وفي عام 1809م، أصبح فينكس أول قارب بخاري يقوم برحلة في المحيط. فقد سافر على امتداد الساحل الأطلسي وعلى نهر ديلاوير من مدينة نيويورك إلى فيلادلفيا، واستغرقت الرحلة 13 يومًا في حين كان باستطاعة القوارب الشراعية في الأجواء الملاحية المثالية أن تقطع المسافة المعيَّنة في يومين فقط. وفي عام 1819م، أصبحت السفينة الأمريكية السافانا أول سفينة بخارية تعبر المحيط الأطلسي، وكانت في الحقيقة سفينةً شراعيةً كاملة التجهيز تم إعدادها بعجلات تجديف جانبية تُدفع بخاريًا، وقد استغرقت مدة 29 يومًا لتقطع المسافة من مدينة نيويورك إلى ليفربول، وتم تشغيل محركها خلال هذه الرحلة مدة 85 ساعة، واستهلكت كل إمدادها من الوقود الذي بلغ 68 طنًا متريًا من الفحم الحجري و 91 طنًا متريًا من الخشب. وفي عام 1838م، أصبحت السفينة البريطانية سايرويس ذات العجلات الجانبية أول سفينة تقدم خدمة منتظمة بجدولٍ زمنيٍّ محدد عبر الأطلسي، وذلك باستخدام قوة الدفع البخاري وحدها. وقد استغرقت الرحلة ثمانية عشر يومًا ونصف اليوم.

السفن الحديدية
شرع بنَّاؤو السفن البريطانيون في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي في بناء السفن الحديدية.ومن الأسباب التي أدت إلى ذلك ندرة الخشب الجيد الذي كان يمكن أن تصنع منه السفن في بريطانيا. إلا أن للسفن الحديدية أيضًا عدة مميزات مقارنة بنظيراتها المصنوعة من الخشب، فهي أقوى وأكثر أمنا وأرخص نفقة وأسهل صيانة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السفن الحديدية أخفُّ وزنًا من السفن الخشبية بالحجم ذاته لأن الأخيرة تتطلب كتلاً خشبية ضخمة وثقيلة. ولهذا السبب تستطيع السفن المصنوعة من الحديد حمل بضائع أكثر.

فاقت بريطانيا الدول الأخرى في تطوير السفن الحديدية عابرات البحار، ففي عام 1821م، صنعت آرون مانبي التي يُعتَقَد أنها كانت أول سفينة بخارية، كلها من الحديد. وكان المهندس البحري البريطاني إيسامبارد كنجدوم برونل من أكثر الموهوبين في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، ففي عام 1837م، أنزل أول سفينة بخارية صُمِّمت خصيصًا للقيام برحلات منتظمة عبر الأطلسي. وكان طول السفينة جريت ويسترن بطول 72م وعرضها 11م، وتدفع السفينة بعجلاتها الجانبية الضخمة ـ بمعدل تسع عقد بحرية. ولقد صمَّم برونل سفنًا أضخم بكثير، ففي عام 1858م، أكمل تصميم جريت إيسترن أكثر السفن إثارة في عصرها، فقد كان طولها 211م وعرضها نحو 26م وكانت تسع 4,000 راكب، وكان لها مجاديف ومحرك لولبي وأشرعة. لكن السفينة فشلت اقتصاديًا إذ إِنها لم تجذب زبائن بما فيه الكفاية لدفع تكاليف التشغيل الضخمة. ولقد استخدمت بنجاح في مد أربعة خطوط برق في قاع المحيط الأطلسي. وفي عام 1888م، بيعت السفينة على شكل خردة.

وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ الفولاذ يحل محل الحديد في صناعة السفن. وَوُجد أن سفن الفولاذ أقوى، وأخف وزنًا من سفن الحديد. وفي عام 1881م، أصبحت السفينة البريطانية سيرفيا أول سفينة ركاب فولاذية تعبر الأطلسي.

تطوير الداسرة (المحرك المروحي) اللولبية.
في عام 1836م، قدَّم كلٌّ من المخترعين فرانسيس بيتيت سميث الإنجليزي وجون أريكسون السويدي، براءة اختراع لداسرة لولبية استطاعت دفع القوارب البخارية بكفاءة أعلى من عجلات التجديف. لقد عملت المجاديف الجانبية جيدًا في المياه الهادئة. أما في البحار الهائجة، عندما تميل السفينة من جانب إلى آخر، فإنه يمكن لكلتا العجلتين أن تتوقفا عن العمل تمامًا خارج المياه لتضيع بذلك قوة الدفع. وبالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن أن تعمل الأمواج على تحطيم تلك العجلات الهشة. أما الداسرة اللولبية المغمورة بكاملها تحت المياه، وهي ملحقةٌ بمؤخرة السفينة، فقد استخدمت الطاقة بكفاءة أكبر من عجلات التجديف، فهي تدفع السفينة إلى الأمام بسرعة أكبر بينما تضرب الداسرة في المياه. وفي عام 1845م، أصبحت السفينة المسماة جريت بريتن التي صممها برونل أول سفينة تُدفع بوساطة الداسرة اللولبية لتنتقل عبر الأطلسي.

زيادة القوة والسرعة.
في الوقت الذي كانت فيه السفن تتطور من السفن الخشبية إلى الفولاذية، وتتغير قوى دفعها من عجلات التجديف إلى الدواسر اللولبية، تم تطوير أنواع جديدة من المحركات ومصادر جديدة لطاقة الدفع. وفي الفترة التي امتدت من أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، وحتى نهايته لم تستخدم السفن سوى محركٍ بخاريٍّ ذي أسطوانة واحدة. وقدكان البخار يتمدد في الأسطوانة فيدفع المكبس بخبطة كاملة ثم يمُّر بمكثف يتولى تحويله من جديد إلى ماء. وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، بدأ استخدام المحرك البخاري المركب ذي الأسطوانتين في السفن. وفي هذا المحرك المركب، يدفع البخار المكبس في إحدى الأسطوانتين ثم يمرُّ إلى الأخرى الأكبر حجمًا. وهكذا يتاح للمحرك أن يوجد ـ بكمية البخار ذاتها ـ قوة أكبر بكثير مما كان ينتج. لقد قلل المحرك المركَّب استخدام الفحم الحجري في السفن إلى 50% وقد استخدم بناؤو السفن، لاحقًا محركات بثلاث أسطوانات، ثم طوروها لتكون بأربع أسطوانات، وأخيرًا بلغت خمس أسطوانات في السفينة الواحدة.

وفي التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، صمَّم المهندس الإنجليزي تشارلز بارسونز توربينًا بخاريًا بحريًا كان بمثابة محرك بحري من نوعٍ جديد تمامًا. لقد كان أقوى وأكثر كفاءة من المحرك البخاري. وفي عام 1897م، ركَّب نفس المهندس ثلاثة توربينات في سفينته توربنينا. وقد دفعت هذه التوربينات السفينة بسرعة مذهلة بلغت 345 عقدة. وخلال سنوات قليلة بدأت السفنُ الفخمة السريعة تعبر المحيط الأطلسي، في رحلات منتظمة، تدفعها التوربينات البخارية. وأشهر هذا النوع من السفن السفينة البريطانية موريتانيا التي دُشِّـنَتْ عام 1907م. وبلغ طولها 241م وبلغت سرعتها 27 عقدة بحرية.

وفي الوقت الذي كان يعمل فيه بارسونز على توربينه البخاري في التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. كان المهندس الميكانيكي الألماني رودلف ديزل يصمِّم نوعًا جديدًا من المحركات يستخدم النفط الثقيل وقودًا له. وأصبحت آلته التي يُطلق عليها الآن اسم محرك الديزل تَستخدم وقودًا أقل مما تتطلبه التوربينات، كما احتاجت لمساحة أقل في السفينة. وفي عامي 1910 و1911م، دخلت السفن التي تسير بوساطة طاقة الديزل الخدمة وسُمِّيت سفن المحركات. وبدءًا من عام 1920م، صار النفط الثقيل يحلُّ محل الفحم الحجري وقودًا للتوربينات البخارية. واليوم، فإن معظم السفن البخارية تستخدم النفط.

قوة الدفع النووية الأوتوماتية.
في عام 1954م، دشَّنت الولايات المتحدة أول سفينة في العالم تعمل بقوة الدفع النووية وهي الغواصة نوتيلُس التي سُحبت من الخدمة عام 1979م. كما بنى الاتحاد السوفييتي (سابقًا) أول سفينة تعمل على السطح وتُدفع بالقوة النووية، وهي كاسحة الجليد لينين التي بُنيت في لينينغراد (بطرسبرج الآن) ودخلت الخدمة لأول مرة عام 1959م، وهي أكبر كاسحة ثلوج في العالم. أما أول سفينة تجارية تعمل بالطاقة النووية في العالم فقد دشَّنتها الولايات المتحدة عام 1959م، وتسمَّى السافانا وقد توقفت عن العمل منذ عام 1971م. ومنذ الخمسينيات من القرن العشرين، دأبت كلٌّ من ألمانيا واليابان والاتحاد السوفييتي (سابقًا) على بناء سفن تجارية تعمل بالطاقة النووية. لكن استخدام الطاقة النووية للسفن التجارية لايزال أمرًا غير ممكن نظرًا لأن تكاليف بنائها وتشغيلها عالية.

أما اليوم، فإن السفن ماضية في طريقها لتصبح ذاتية الدفع. فعلى سبيل المثال، توجد في سفن حديثة كثيرة معداتٌ إلكترونية تعمل على ضبط تدفق زيت الوقود والهواء إلى غرفة الاحتراق وضبط تدفق الماء إلى الغلايات (المَراجل). وتساعد إسعافات الملاحة الذاتية الحركة السفن في المحافظة على مسارها الصحيح. كما أصبحت أحجام السفن في ازدياد مطرد حتى تم تطوير نوع جديد تمامًا من السفن. والقسم التالي من هذه المقالة يتناول أنواع السفن المستخدمة اليوم ويصف كيفية تطوُّرها.

مرسل: الأربعاء إبريل 11, 2007 8:24 pm
بواسطة the lion
أنا بدي اتشكرك عهالمعلومات الرائعة